عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) 110
AlexaLaw on facebook
 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) 110
 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) 110
 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) 110
 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) 110
 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) 110

شاطر | 
 

  المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654991

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) 1384c10


الأوسمة
 :


 المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) Empty
مُساهمةموضوع: المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة)    المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة) I_icon_minitime3/10/2011, 22:56

خيارات المساهمة


المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة)

المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة)
وبحسب صافي فإن المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي هي: العقيدة والأمة. فالعقيدة هي الأساس العميق الذي ترتكز عليه الوحدة السياسية للأمة. وتنبع الأهمية التي يوليها للعقيدة من كونها الشرط اللازم والضروري لقيام أي مشروع جماعي، ذلك أن العمل السياسي مستحيل في حال غياب منظومة من التصورات والمبادئ التي تنسق جهود أفراد الجماعة، وتبرر وجودهم وتعاونهم وتحفزهم لتحقيق الأهداف التي يسعون لنيلها. ومن خلال تحليل ظروف نشأة الفرق العقدية الإسلامية واختلافاتها وتأثرها بالوضع في المدينة، ينتهي إلى وجوب تطوير وتبني منظومة عقدية لبروز الوعي وقيام الفعل الإسلاميين على صعيد الفرد والجماعة. وبما أن التعدد العقدي صفة لازمة للدولة الإسلامية منذ نشأتها في صحيفة "دستور" المدينة، وبما أن الوحدة العقدية التي يشترطها المجتمع السياسي تتعلق بالحد الأدنى من التجانس العقدي لتحقيق وحدة الفعل السياسي، أي بالإطار العقدي الذي يجمع مختلف التقسيمات العقدية الثانوية: والذي يمكن تحديده -بنظر لؤي صافي- في ثلاثة أسس: توحيد الألوهية والإيمان بالبعث بعد الموت، والإيمان بختم الرسالات. هذا كله يمنع من استخدام السلطة السياسية لتحقيق وحدة عقدية وتصفية المغايرين في العقيدة، فذلك مما لا ينسجم مع مقاصد الشريعة ومبادئها الكلية. أما مفهوم الأمة، فهو مفهوم سياسي وعقدي ذو مكانة خاصة في الفكر السياسي الإسلامي؛ باعتباره تجمعا عقديا قيميا ناجما عن تفاعل أفراد من البشر مع مبادئ كلية وقيم عامة تتجاوز الخصوصيات الطبيعية التي تمايز بين الناس من لون أو عرق أو لغة أو إقليم. ومفهوم الأمة لا ينفي أهمية الاعتراف بالروابط الإقليمية والقومية وتأثيرها على تكوين الهوية الفردية والتعاون الاجتماعي، لكنه يعتبرها روابط وسيطة لا ترقى -في أهميتها وقيمتها- إلى مستوى الرابطة العليا القائمة على وحدة المقصد والمعتقد، والمتمثلة في الوحدة الإسلامية التي تجمع الشعوب الملتزمة بالمبدأ الإسلامي، فالولاء النهائي للمسلم هو ولاء الأمة الإسلامية، لكنه ولاء لا ينفي قيام ولاءات ثانوية ترتبط على أساس قومي أو قطري. والأمة الإسلامية هي التي تناط بها مهمة الخلافة في الأرض، فلا يصح نسبتها في رأي صافي إلى الحاكم المسلم، كما لا ينبغي تسميته إماما للمسلمين، لما في ذلك من وصف يقتضي المثالية الأخلاقية لازمة الاتباع، والمفترض أن الحاكم المسلم موظف مسئول من قبل الأمة متبع لمصالحها منفذ لها. وهكذا تتحدد العلاقة بين مفهومي الأمة والدولة بالنظر إلى الأخيرة على أنها "البنية السلطوية للأمة التي توجه الفعل السياسي وتحدده وفق منظومة المبادئ السياسية الإسلامية".
الفصل العاشر :- النظام التشريعي للدولة الإسلامية
لقد اعتمدت نظرية الإمامة التقليدية (الاتباعية) في تحديد مصدر الشرعية السياسية واختيار الخليفة "الحاكم" على ممارسات الصحابة السياسية باعتبارها فعلا تأسيسيا يمكن تبنيه دون مناقشة أو محاكمة. وهذه إشكالية مهمة تبرزها الدراسة لتجيب عنها بعد النظر في النموذج الراشدي لاختيار الخليفة، فتخلص إلى نتيجتين مهمتين: الأولى: إن اختيار خليفة رسول الله لم يجر وفق خطة عامة تبنتها الجماعة الإسلامية، بل اتسم بالعفوية والارتجال. الثانية: اتصفت الأشكال والممارسات التي اعتمدها الصحابة بالخصوصية نظرا لتأثرها بالبنية القبلية السائدة. الثالثة: إن غياب المؤسسة الشورية المتطورة عن الحياة السياسية طوال العهد الراشدي لا تعني بأي حال غياب مبدأ الشورى، ولكن تجليات هذا المبدأ والمبادئ الإسلامية السياسية الأولى في سلوك الصحابة تأثرت بالطابع الخاص للحياة الاجتماعية. بناء على هذا لا يصح اعتبار طريقة اختيار الخليفة ولا الإجراءات السياسية التي سادت العهد الراشدي فعلا تأسيسيا يجب على الأجيال اللاحقة من المسلمين اتباعه.. بل يجب تطوير النموذج بناء على استقراء القواعد الكلية التي وجهت تفاعل الصحابة مع ظرفهم التاريخي. لهذا يمكن تحديد الأسس العامة للدولة الإسلامية في أربعة أسس: 1. القرار السياسي حق عام للأمة. 2. خضوع القرارات السياسية لمبدأ الشورى. 3. المرجعية السياسية في القضايا التي تتعلق بالشئون الداخلية والخارجية منوطة بقيادة الأمة. 4. المرجعية القانونية في الدولة تعود للأحكام الشرعية المستنبطة من مصادرها والمعتمدة لدى الهيئات العلمية الفقهية. وهكذا يخالف لؤي صافي كثيرا من الكتاب الإسلاميين الذين يجعلون تطبيق الشريعة مدخلا لتأسيس النظام الإسلامي وتحكيم الشريعة في حياة المجتمع، وينطلق بدلا من ذلك من تأسيس المنظومة القانونية للدولة من خلال توطيد وتمكين المؤسسات الشورية التي تعبر عن إرادة الأمة واختيارها. بل إنه ينتقد ذلك الموقف نظرا إلى أن تطبيق الشريعة بحاجة إلى بناء إجماع شعبي وتطوير الوعي والالتزام الإسلامي قبل الانتقال إلى فرض الأحكام الشرعية. وهذه الرؤية مبنية -عند صافي- على قاعدتين فكريتيين: الأولى: إن العلاقة بين الأشخاص علاقة مقصدية، بمعنى أن انسجام الأفعال في مجموعة بشرية نابع من انسجام مقاصد هذه المجموعة، وبالتالي فإن خضوع السلوك الإنساني لمقتضى القوانين الاجتماعية هو خضوع ناجم عن التزام الفرد بهذه القوانين. وعليه يصبح تأثير الشريعة في السلوك الاجتماعي رهنًا بالظروف النموذجية التي تتحدد -برأي صافي- في: 1- إجماع جمهور المواطنين على احترام المبادئ الأساسية للقانون الشرعي. 2- قيام قيادة سياسية تمثل المقاصد العامة والمصالح المشتركة لجمهور المواطنين وتعمل على تحقيقها.(172-173) وفي غياب هذين العاملين يصعب تطبيق الأحكام الشرعية ويتحول القانون الشرعي إلى أداة للقسر والإكراه المحض ويختفي البعد التوجيهي. ولكننا، مع التسليم بصحة هاتين القاعدتين الفكريتين، فإننا لا نسلم بصحة الاستنتاج القائم عليهما، ذلك أن الأستاذ صافي نفسه يقرر فرضية أسبق من هاتين القاعدتين، وهي أن وجود منظومة الحكم الإسلامي يفترض أولا بروز الأمة إلى حيز الوجود، بمعنى أن قيام الدولة الإسلامية يشترط ظهور مجتمع ملتزم بالمبدأ والمعيار الإسلاميين، كما يتطلب الاستقرار الفعلي للأمة تأسيس دولة تحمل طموحات الجماعة المسلمة. وعليه فإذا كان قيام الدولة الإسلامية مشروطا بالتزام الأمة واختيارها المسبق للنظام الإسلامي منهجا في الحياة، فإن الحديث عن مشروطية تطبيق الشريعة في هذه الدولة بالشرط ذاته عبث لا معنى له، بل قد يوحي بتأييد مقولة طرحها بعض المفكرين المسلمين، وتتمثل في التدرج في تطبيق أحكام الشريعة في الدول الإسلامية في عصرنا الحاضر، قياسا على العهد النبوي. وإن كنت أرجح أن ما يريد الأستاذ صافي قوله هو أن الدعوة إلى تأسيس الدولة الإسلامية في هذا العصر ينبغي أن تنطلق من الدعوة إلى ممارسة الأمة حقها في الإدارة السياسية لشئونها وقضاياها، الأمر الذي سينبني عليه لاحقا تطبيق الإحكام الشرعية، باعتبارها جزءًا من معتقد الأمة، وليس قبل تمكن الأمة من الخيار السياسي.
الفصل الحادي عشر :- مؤسسات الشورى في النظام الإسلامي
تشدد هذه الدراسة أيضا على التمييز بين الشورى والاستشارة، وتؤكد خلط الفقهاء بين الأمرين؛ مما أدى إلى تفريغ الشورى من مضمونها وتلبيسها صفة الاستشارة غير الملزمة مما جعلها فعلا عبثيا لا معنى له. فالشورى حق أصيل للأمة باعتبارها محل التكليف القرآني، (وأمرهم شورى بينهم) وباعتبارها محل مهمة الشهود التي تشكل الإرث النبوي للجماعة المسلمة. في حين أن الاستشارة ترتبط بواجب القيادة في الرجوع إلى أصحاب الرأي لاستيضاح الحقائق وتقليب الأمور قبل اتخاذ قرار يختص بدائرة عملها وصلاحياتها الخاصة. وكان لا بد لتأصيل مبدأ "إلزامية الشورى" من العودة إلى الممارسات الشورية في العهد النبوي والراشدي، التي شكلت أساسا لقول الفقهاء وبعض المفكرين الإسلاميين المعاصرين بعدم إلزامية الشورى، وإعادة قراءة الأحداث التاريخية وتحليلها. والملاحظ هنا أن الأستاذ صافي وإن نجح في التماس تفسيرات اجتماعية أو سياسية لتصرفات الصحابة الأوائل، إلا أن الروايات التاريخية لم تكن لتسعفه في جميع الأحوال، مما اضطره أحيانا للخروج من أسرها باعتماد ما يراه مبادئ أساسيةً ومقاصدَ كليةً في العمل السياسي هي أقرب للقطع واليقين من ظنية الروايات أو القرائن التاريخية (كما في حادثة قتال المرتدين في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه). إن المشكلة الأساسية في التجربة الراشدية هي عدم قيامها بتطوير مؤسسة الشورى لتعكس آراء ومصالح قوى الأمة المختلفة، وجماعاتها السكانية المنتشرة في أصقاع عديدة خارج الحجاز.. مما أدى إلى الأزمة السياسية الحادة في عهد عثمان، والتي كانت مبدأ انقسام الأمة فرقا ومذاهب. وقد ألقت هذه التجربة المضطربة بظلالها على الفقه السياسي الإسلامي، فكان الاضطراب في تصور مؤسسات الشورى في النظرية السياسية الاتباعية، والخلط والتداخل بين المفاهيم السياسية (أهل الاختيار وأهل الإمامة) حتى انتهى الأمر بالباقلاني "إلى اعتماد آلية الإجماع الفقهي لتفنيد آلية الإجماع السياسي"(ص215) وتصحيح انعقاد بيعة الواحد للحاكم. إن كثيرا من الإشكالات التي يطرحها الفقه السياسي الاتباعي، مثل مسألة العهد، يمكن تجاوزها من خلال إعمال آليات الشورى. كما يمكن إزالة إشكاليات أخرى من خلال التحديد الزمني لفترة رئاسة الدولة، مثل مسائل الأفضل والمفضول، ومسألة العزل. علاقة الديني بالسياسي في وعي النخب الفكرية الحديثة والمعاصرة: كيف تمثلها هذا الوعي؟ وكيف عبر عنها خلال قرن ونصف القرن؟ وهي المسألة التي انعقدت فيها كافة القضايا المتصلة بمسائل الاجتماع السياسي والاجتماع الديني، في مجتمعات العالمين العربي والإسلامي. وقد شغلت نخب الفكر الإسلامي بأسباب هزيمة المسلمين أمام زحف أوربا الظافر. وقد أدى هذا الإدمان في فهم أسباب وعوامل التردي إلى غلبة السياسي على الفكر الإسلامي، وانصراف المثقفين والفقهاء وعلماء الدين والدعاة والمؤرخين ورجال الدولة إلى الفكر السياسي الذي خرج من سياق علم السياسة ليتحول إلى شأن عام يتعاطاه كل الكتاب. وصار الإنتاج الفكري غزيرا في الكم، فقيرا في النوعية، يصفه المؤلف باللغو الأيديولوجي في مسائل مستغلقة على غير أهلها من المالكين شرائط النظر والفحص. ويغطي الكتاب بالمراجعة والتحليل الإنتاج الفكري الإسلامي عبر خمسة أجيال من المفكرين. وهي الجيل الإصلاحي الأول، مثل رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده. والجيل الإصلاحي المتأخر أو الثاني، مثل عبد الرحمن الكواكبي ورشيد رضا والنائيني. والجيل الثالث مثل عبد الحميد بن باديس وعلي عبد الرازق وحسن البنا وأبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي والخميني وعلال الفاسي ومحمد الغزالي وسيد قطب وحسن الهضيبي. والجيل الرابع، مثل سيد قطب ومحمد قطب ويوسف القرضاوي ومصطفى السباعي وعبد السلام ياسين. والجيل الخامس، مثل عبد السلام فرج وراشد الغنوشي وحسن الترابي (مخضرم) وفهمي هويدي ومحمد عمارة. ولم تكن الأجيال وخاصة الثالث والرابع والخامس متوافقة فكريا، ولكنها ظهرت في مرحلة زمنية واحدة. فقد شهدت اختلافات فكرية بلغت في المراحل المتأخرة إلى حد التباعد مسافات فلكية، كالفرق مثلا بين راشد الغنوشي ومحمد سليم العوا، وبين عبد السلام فرج وشكري مصطفى.
الفصل الثاني عشر :الدولة والإصلاح
طرح الإصلاحيون قضية الدولة بعد قرون من إقفال موضوعها. وكان الهدف من طرحها هو الإصلاح والنهضة والبحث في أسباب تقدم الغرب وتراجع المسلمين، والدفاع عن فكرة الدولة الوطنية ونموذجها كبديل لدولة الخلافة. وكان هذا التفكير انقلابا في البناء الفكري الإسلامي الموروث، وكان ثمة تقدير عام لدى نخب الفكر الإسلامي بأن الخلل الذي أصاب بنى المجتمعات الإسلامية ومدنيتها عموما إنما مرده إلى عوامل سياسية، في المقام الأول إلى دولها ونظمها السياسية على وجه التحديد. ومثَّل النموذج الأوربي للدولة الوطنية الحديثة اللحظة الأولى للتفكير الإصلاحي. ولم يتعرف الإصلاحيون المسلمون على هذه الدولة من خلال الفكر الليبرالي الأوربي ومنظومته النظرية السياسية، بل تعرفوا عليها في سياق الضغط الأجنبي والاحتلال والإدارة الاستعمارية، ومعاينة نموذجها السياسي لأنه التحدي الذي أظهر موطن القوة في أوربا وهو دولتها الحديثة. وكانت تجربة محمد علي الإصلاحية وإقامة دولة وطنية حديثة في مصر اللحظة الثانية في مسار الفكر الإسلامي الإصلاحي، ثم تجربة التنظيمات العثمانية التي أقدمت عليها دولة بني عثمان لإصلاح الدولة وتطويرها.
الفصل الثالث عشر : الإصلاح والاستبداد
بدأ الفكر الإسلامي الإصلاحي بنقد الاستبداد والدعوة إلى الحرية، وكان المفكرون الإصلاحيون مثل رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي يرون أن العدل والحرية يتحققان بالدولة الوطنية. وجاء بعد الطهطاوي والتونسي جمال الدين الأفغاني الذي كان يسعى في إصلاح الدولة العثمانية، على أساس الشورى واللامركزية ومقاومة الاستبداد. وجاء بعد الأفغاني تلميذه محمد عبده الذي وضع عنوان الإصلاح في نظام مدني يفصل بين الدين والسلطان، فالإسلام برأيه نظام مدني. وتصدى للاستبداد السياسي أيضا في تلك المرحلة عبد الرحمن الكواكبي ومحمد حسين النائيني، وظهرت الدعوة إلى الدستور المدون للدولة أو الدولة الدستورية. فالإصلاحية الإسلامية في القرن التاسع عشر كانت تسعى إلى إصلاح الدولة العثمانية وليس محاربتها أو تقويضها، ولكن السعي لتكون دولة دستورية عادلة تستوعب نموذج الدولة الحديثة في أوربا. ثم تحولت إلى نقد الاستبداد بعدما تخلت الدولة العثمانية عن الإصلاحات التي بدأت بها وسميت التنظيمات، والدعوة إلى فك العلاقة بين السلطة السياسية والدين، وتحرير المجال السياسي من الاستثمار الديني، والدعوة إلى نظام دستوري وثقافة الحرية. العودة إلى فكر الخلافةشهدت العشرينيات من القرن العشرين عودة إلى الدعوة إلى الخلافة، بعدما حققت فكرة الدولة الوطنية عنفوانا مع التيار الليبرالي في مصر، وخاصة في كتابات لطفي السيد. وكان رائد دعوة الخلافة هو رشيد رضا تلميذ الشيخ محمد عبده وزميله الأقرب في معركة الإصلاح، وكان كتابه "الخلافة أو الإمامة العظمى" النص المؤسس لهذه الدعوة. وربما كان من أسباب ذلك إلغاء الخلافة العثمانية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1924. وتخلت المسألة السياسية الإسلامية عن الدولة الوطنية التي أرستها الإصلاحية الإسلامية، وتخلت عن منظومة المفاهيم السياسية الليبرالية الحديثة لتتحول إلى منظومة السياسة الشرعية. واتسم خطاب رشيد رضا - برأي المؤلف - بثلاث سمات: 1- أنه خطاب استرجاعي لنصوص الماوردي وابن تيمية وابن القيم. 2- أنه يمثل قطيعة مع القراءة الإصلاحية للمفاهيم السياسية الشرعية. 3- أنه كان خطابا تأسيسيا لما سيلحقه ويبنى عليه، وخاصة فكرة الدولة الإسلامية التي صاغها حسن البنا ومفكرو الإخوان المسلمين.
في نقد نظرية الخلافة
يميز ابن خلدون بين ثلاثة أنماط للحكم هي: الملك الطبيعي، والملك السياسي، والخلافة. وعرف الخلافة بأنها "حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها"، ولم تتحقق الخلافة إلا في عهد الخلفاء الراشدين ثم تحولت إلى ملك. وظهرت مع سقوط الخلافة أفكار ونظريات لا ترى في الخلافة شيئا من الإسلام، "بل إن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة، وبريء من كل ما هيؤوا حولها من رغبة ورهبة ومن عز وقوة". ذلك هو الشيخ الأزهري المتمرد على منظومة السياسة الشرعية علي عبد الرازق. وتنتظم في خطاب علي عبد الرازق في مسألة الخلافة أربعة موضوعات، وهي نظام الخلافة ويقوم على سلطة مطلقة لا شرعية لها من وجهة نظر الإسلام ولا يجيزها. فالحكومة في الإسلام كما يراها علي عبد الرازق ذات طابع مدني سياسي. والخلافة والقضاء وغيرها من وظائف الحكم ومراكز الدولة ليست في شيء من الخطط الدينية، وإنما هي خطط سياسية صرفة تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة. ويشارك عبدَ الرازق الرأيَ علماء آخرون، مثل الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي يرى أن الخلافة صارت مستحيلة ودخلت في طور الامتناع منذ انهارت مركزيتها. من الدولة الإسلامية إلى الدولة الدينية يمثل حسن البنا تيارا قويا يناضل في مواجهة الفصل بين الدين والدولة، ويدعو إلى الربط بينهما. فيقول في رسائله: إن الإخوان المسلمين يعتقدون أن الخلافة من الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، وأنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها. والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله، والأحاديث الواردة في وجوب نصب الإمام وبيان حكم الإمامة وتفصيل ما يتعلق بها لا تدع مجالا للشك في أن واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن مناهجها ثم ألغيت، والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم، وهم مع هذا يعتقدون أن الأمر يحتاج إلى كثير من التمهيدات التي لا بد منها، وأن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لا بد أن تسبقها خطوات. فلا بد من تعاون عام ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها، يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد. ثم يلي ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية، حتى إذا تم ذلك للمسلمين نتج عنه الاجتماع على "الإمام" الذي هو واسطة العقد. ولكن حسن البنا لم يشغل بالخلافة إلا في إشارات قليلة يحكمها تقدير صريح بأنها مسألة مؤجلة، وإن كانت مسألة شرعية لا سبيل لإسقاط التكليف الديني بأمرها. ويحرص الإسلاميون المعاصرون -وخاصة الذين يستندون إلى فكر حسن البنا وتراث الإخوان المسلمين- على التشديد على الفواصل والتمايزات بين مفهوم الدولة الإسلامية ومفهوم الدولة الدينية، فالثانية غريبة عن تعاليم الإسلام وتجربته السياسية. بل نجد نصوصا للبنا ذات موقف إيجابي من الدستور كوثيقة وعلاقة سياسية، وإن كان يقدم ملاحظات انتقادية على الدستور المصري فيقول: "إن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها، وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة، وعلى مسئولية الحكام أمام الشعوب ومحاسبتهم على ما يفعلون، وبيان حدود كل سلطة من السلطات. هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم. ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاما آخر".الدولة والشريعة ينطلق الخطاب الإسلامي في مساجلته مع العلمانية من اعتبار العلمانية فلسفة خاصة بالغرب معبرة عن خصائص تجربته التاريخية والدينية، وأنها لذلك السبب غير قابلة للاستدعاء أو التوظيف. وأن النظم القائمة على أساسها غير قابلة للانطباق على واقع الاجتماع السياسي في البلاد الإسلامية، والبديل هو تطبيق الشريعة الإسلامية في مجالات الحياة والحكم والتي تصلح لكل زمان ومكان. والقرضاوي يقول: إن مرجعية الشريعة لا تلغي الاجتهاد والنظر فيما لا نص فيه أو فيما هو ظني الثبوت أو ظني الدلالة، وهذا يشمل تسعة أعشار النصوص أو أكثر؛ مما يحتمل تعدد الاجتهاد والفهم والاستنباط. ويبدو أن دائرة الاجتهاد لدى علال الفاسي أوسع من سابقتها لدى القرضاوي، فهو ينطلق من فكرة المقاصد الشرعية التي قررها الفقيه الكبير الشاطبي. ويذهب إلى القول إن المقاصد الشرعية تتحول بدورها إلى معيار تتحدد به كيفية تطبيق النصوص الشرعية الصريحة. فالاجتهاد ممكن مع النص وفي حالة وضوح حكمه، يقول: "إن المقاصد الشرعية تؤثر حتى على ما هو منصوص عليه عند الاقتضاء، وليس توقيف عمر بن الخطاب عقوبة السارق عام المجاعة إلا لأن قصد الشارع معاقبةُ السارق؛ لا الذي تفرض عليه الحاجة أن يظهر بمظهر السارق، لأنه إذا جاع الناس وكان عند غيرهم ما يزيد على حاجته أصبح من حقهم أن يأخذوه وأن يقاتلوا عليه". أشكال القطيعة بالفكر الإسلامي جاءت في مسار الفكر الإسلامي قفزات ومنعطفات مفاجئة تختلف عن سابقاتها على نحو مضاد أحيانا، فالإصلاحية جاءت تشكل قطيعة مع السياسة الشرعية، وسلفية رشيد رضا أنجزت قطيعة أولية مع الإصلاحية، وإحيائية حسن البنا استكملت تلك بقطيعة مضاعفة مع الإصلاحية ومع سلفية رضا، وخطاب الحاكمية والتكفير مثّل قطيعة مع الخطاب الإخواني، وولاية الفقيه كانت خطابا شيعيا منفصلا مع خطاب المشروطة الذي قدمه النائيني. ولكن القطيعة التي أوجدتها حركة الصحوة الستينية والسبعينية مع الخطاب الإصلاحي دفعت مفكرين جددًا إلى مراجعة خطاب الحاكمية والتكفير، والعودة إلى الأصول الفكرية الإسلامية الحديثة. ومن هؤلاء محمد الغزالي ويوسف القرضاوي وراشد الغنوشي وعبد الله النفيسي من داخل صفوف الإخوان، ومحمد سليم العوا وطارق البشري وفهمي هويدي وأحمد كمال أبو المجد من الإسلاميين المستقلين. وأما الذين عادوا بالفكر الإسلامي إلى أصوله الإصلاحية فهم على الأغلب من الباحثين المستقلين، مثل محمد عمارة وفهمي جدعان، ووجيه كوثراني ورضوان السيد ومحمد فتحي عثمان.
الفصل الرابع عشر : الدولة في الفكر الإسلامي
على الرغم من الجهود الكبيرة التي أنفقها الإسلاميون في الفكر السياسي الحديث لبناء "نظام إسلامي سياسي" منذ سقوط الخلافة العثمانية، فإنهم لم يستطيعوا -حتى الآن- تحقيق ذلك، ومن إيران إلى السودان إلى نيجيريا وغير ذلك من البلدان والتجارب التي أقيمت على أرض الواقع تحت مسمى "الدولة الإسلامية"، فإن جميعها عانى من أزمات سياسية واجتماعية وقانونية خانقة. والسبب ليس قائما فقط في طريقة عمل الجهود المبذولة لبناء هذا النظام الطموح، بل في أن فكرة "النظام الإسلامي السياسي" ذاتها كانت فكرة أيديولوجية وليست مشروعا معرفيا نهضويا حقيقيا، مما جعلها تخضع -كليا- لردَّات فعل متأتية من الصراع الاجتماعي والفكري والسياسي مع النخب الحداثوية والماركسية التي أطبقت على صدور المجتمع العربي واستوصت نفسها عليه. غير أن السبب الأهم هو أن الوعي بالتحول العميق للفكر السياسي الذي أنجزه الفكر الأوربي بولادة فكرة الدولة (الحديثة) لم يكن بذلك القدر الذي يسمح لهم بتوليد فكر سياسي معاصر، وزادت الأوهام الأيديولوجية في سياق الصراع مع النخب المحدثنة في عدم الوقوف طويلا أمام مفهوم الدولة الحديث وما حصل من تغيرات عميقة بسببه في مجال الفكر السياسي الإنساني، مما جعل الفكر السياسي الإسلامي الحديث مطبوعا -عموما- بنزعة تلفيقية، تستخدم كل الإرث السياسي الماضي في صورة الدولة الحديثة دون إحداث تطويرات عميقة عليه. فمن السهل أن نعثر على مطابقة متكررة بين مفاهيم تنتمي إلى نظام الخلافة مع مفاهيم تنتمي إلى الدولة الحديثة، فرئيس الدولة يساوي -تماما وبالضبط- الخليفة أو الإمام، ونظام الاستئمان يساوي الجنسية، وأهل الحل والعقد هم أهل الشورى أو اللوبي وجماعات الضغط، والديمقراطية هي الشورى، والذمية هي الأقليات، وهكذا سلسلة طويلة من المصطلحات والتصورات التي تلفِّق مفاهيم الخلافة الإسلامية لمفاهيم الدولة الحديثة، ولولا أن هناك عدم وضوح في تمايز مفهومي "الدولة" و"الخلافة" فلربما كان للفكر الإسلامي مسار آخر. لم يتم التداول في التراث الفقهي السياسي والأحكام السلطانية لمفهوم الدولة بمعنى الكيان السياسي الجغرافي المتضمن لعناصر: الأرض والشعب والسيادة، بل الدولة كانت تستخدم دوما أقرب ما يكون إلى معناها اللغوي، أي من الديالة أو الدولان، أو بمعنى قريب مما يطلق عليه الآن "الأنظمة السياسية". وفي هذه الحدود تصف عبارات مثل: دولة بني مروان، دولة بني الأحمر، ودولة بني العباس، دون أن تتجاوز هذا المعنى. في حين نجد المفاهيم التي تصف الكيان السياسي في مسميات "مملكة"، و"ولاية"، و"إمارة"، و"سلطنة"، و"الخلافة"، و"دار الخلافة"، و"دار الإسلام"، أما تعبير "الوطن" فهو مفهوم شخصي شِعري ليس له علاقة بالمجال السياسي إلا من هذا الباب. "الخلافة" (وغيرها من المسميات آنفة الذكر) كما تبدو من خلال أبواب الفقه المختلفة ومؤلفات الأحكام السلطانية هي صورة لكيان سياسي، السلطة فيه ذات تحيز مركزي يتجمع في شخص الإمام (الخليفة)، ومن شخصه تتناسل السلطات فما يقرره الإمام (الأصل أنه مجتهد) يرفع الخلاف، ورأي الإمام ملزم "شرعا" حتى في العبادات، والقاضي ليس إلا نائبا عن الإمام، والأجهزة التنفيذية (الولايات) هي نيابات عن الإمام، فليس منصب الإمامة -والحال هذه- مؤسسة، وإنما هو شخص واحد يدبِّر مصالح المسلمين في سياسة الدنيا ورعاية الدين. وفي إطار نظام الخلافة فإن علاقات "الرعيَّة" الاجتماعية السياسية في نظام الخلافة قائمة على أساس الفرز الديني، عبر مفهوم "الجماعة" وهي جماعة المسلمين في الفقه السني، أو "أهل السنة والجماعة"، وهم أهل السلطان، و"الذمية" هم الطوائف الدينية من أهل الكتاب ومن في حكمهم (على خلاف بين المذاهب) والفرق الإسلامية "الضالة"، وهم فعليا في وضع سياسي واجتماعي مختلف عن أهل الجماعة، فالإمامة العظمى (أو الكبرى) لا حق لهم فيها؛ لأنها ستكون بمثابة ولاية مِلِّيَّة للكافر على المسلم فلا تطلق يدهم في المسلمين، وإن كان لهم الحق في أنواع الولايات مما لا يدخل في القضاء أو التشريع. الجغرافية المستند إليها الكيان السياسي المسمى بالخلافة تقوم على مفهوم "الدار"، والدار هذه ليست ذات حدود مرسومة جغرافيا، بل قابلة للتمدد بتمدد النفوذ، أو بعبارة أدق ببسط سلطان الخلافة الذي يعني بسط الشريعة الإسلامية، فالدار مفهوم متحوِّل شديد المرونة، مرتبط بالنظام السياسي والعقدي في آن واحد، والرعية هم كل من يدخل في إطار الدار. ولأن المسألة تتعلق بحفظ "بيضة المسلمين" وحفظ مصالح الجماعة و"استقرار" الخلافة، فإن الإمامة -التي لم تكن في صورة مؤسسة سياسية بالمعنى المتعارف عليه اليوم- لها وظيفة "حراسة الدين" أو بتعبير ابن تيمية "إصلاح دين الخلق"، أي أن العلاقة مع الدين علاقة جوهرية، مما يجعل طرح فصل الدين عن الدولة أمرا غير ممكن التفكير فيه البتة، خصوصا أن مفهوم الخلافة ذاته قام على أساس الارتباط بالدين منذ اللحظة الأولى التي أسس فيها، أي في عهد الخليفة أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه. هكذا يبدو واضحا أن مفهوم الدولة مفهوم مفارق إلى حد بعيد لمفهوم الخلافة، فالدولة الحديثة ذات وظيفة سياسية بحتة، ورهاناتها متعلقة بالتالي بمصالح الجماعة (الأمة) في إطار جغرافي محدد (التراب الوطني)، وعلاقتها مع أطياف المجتمع علاقة اتفاقية تعاقدية لتحقيق مصالح الأمة، وهكذا يكون من مقتضياتها أن تكون على مسافة واحدة من الإثنيات والملل والطوائف في إطار مفهوم "المواطنة"، ومن مقتضيات ذلك أن تقف حيادية تجاه الدين، ولأن الدين نفوذ وسلطات ذات شأن عام، تمتلك رصيدا في الفعل الاجتماعي فإن العلاقة مع الدين أصبحت إحدى إشكاليات الدولة الحديثة. ولأن الدولة تقوم لرعاية مصالح الأمة، فإن الأمة من المفترض أن تحدد هي مصالحها، وعلى الدولة تحقيقها، وهكذا يكون مبدأ فصل السلطات أمرا بدهيا ولازما لمفهوم الدولة، وتكون السلطة الوحيدة لـ"حكومة" الدولة هي "السلطة التنفيذية" والتنسيق بين السلطات والقوى السياسية لتنفيذ ما يمكن من مصالح الجماعة، وباعتبار أن الدولة مسئولة أمام الأمة عن تنفيذ مصالحها فكان وجود السلطة القضائية -هي سلطة مستقلة نائبة عن "الشعب" في السهر على تحقيق مصالحه التي تتبدى عبر القانون- ولأن التعبير عن مصالح الشعب لا يتأتى إلا عبر نظام فقد كان لا بد من فكرة "القانون" الذي يتوافق عليه الشعب عبر "نواب" عنه يختارهم في مجلس نيابي. هكذا تتضح الدولة الحديثة بوصفها راعية لمصالح الشعب بالنيابة عنه، ولأن هذه النيابة هي نوع من التعاقد، فإن الحكومة يُفترض أنها اختيار الشعب؛ إذ لا تعاقد بالإكراه، وهكذا يكون من لوازم مفهوم الدولة الاختيار و"الانتخاب" من الشعب لشغل وظائف مؤسسة "الرئاسة" في الدولة، في مقابل مفهوم "البيعة" الذي يمثل أسلوب الاختيار في منصب الخلافة. إن وجود خلل في فهم طبيعة كل من الدولة والخلافة أدى إلى التباس بينهما منذ ظهور الدولة الوطنية وانهيار الخلافة الإسلامية العثمانية، وهكذا ظهر مصطلح جديد هجين هو "الدولة الإسلامية"، فنجد الشيخ حسن البنا يرفع شعارا مثيرا "الإسلام دين ودولة"، ويدرس عبد الوهاب خلاف نظام الخلافة باعتباره "نظام الدولة الإسلامية"، ويكتب أبو الأعلى المودودي عن نظام الدولة الإسلامية باعتباره "نظاما شموليّا"! ولم يتوقف الالتباس بين المفهومين عند بداية ظهور الدولة الوطنية، بل إن هذا الالتباس ما يزال قائما وفعالا إلى هذه اللحظة، والأمثلة أكثر من أن تحصى، وتشمل هذه الأمثلة بيانات حركات الإسلام السياسي ولوائحها. إن محاولة الفهم لاستعصاء تشكيل نظري لنظام سياسي إسلامي من هذه الزاوية تبدو مفهومة إلى حدٍّ ما، وبالتالي فإن الخطوة الأولى والأهم في السعي للتوصل إلى نظام تبدأ -دون شك- في الفصل بين المفهومين، وتمييز صورة الدولة عن صورة الخلافة، فلا تبقى في وضع صورة الأولى وظل الثانية.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

المفاهيم المؤطرة للنظر السياسي الإسلامي: (العقيدة/الأمة)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الداخلي-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.